بسم الله الرحمن الرحيم
كلمـــــة عميـــــد الكليـــــة
أحمدُ الله ربَّ العالمين , حمداً يليق بجلالهِ وكمالهِ ، وأستعينُ بحوله وسلطانه ، وأستجيرُ بقوته من فساد القول وضلاله ، وأُصلِّي وأُسلِّمُ على مَنْ شَقَّ ظلام الجهالة بنور القرآن وبيانه ، وعلى آله وأصحابه ، ومن أضاءوا الأرض بالبحث عن معرفة حُجَّة الله وبرهانه .
وبعـــدُ :
فكليةُ اللغة العربية – على وجه العموم – ركنٌ ركينٌ ، وصرحٌ قويمٌ من صروح العلم الشامخة التي تَعْلُو بها الدنيا ، وترقى بمعرفتها مراتب الخَلق في كل زمان ومكان ، وعلومُها سَنَامُ كل فضل ، ومفتاح كل خير ، ومغلاق كل شر ، ومصباح كل قول يَنْطِقُ صاحبه بالحق ، ومن ثَمَّ فهي عماد في جامعة عريقة تُعَدّ أقدمَ جامعة إسلامية عرفها العالم منذ القرن الرابع الهجري تمارس دوراً تعليمياً رائداً ، وفكراً ثقافياً واعياً يعلم الحفاظ على الدين والمجتمع والوطن ؛ لأن من يتعلم مزايا الكلام ، ويعرف فضل بعضه على بعض يعرف – بلا ريب – ما به استقامة الدنيا وصلاح الآخرة ، واللغة التي نزل بها أعظم كتاب على أعظم نبي في أعظم مكان أساس كل ذلك ، وأفضل ما يُتَمثَّلُ به هنا من كلام الشعراء قول القائل :
لُغةٌ حَباهـــا الله حرفــاً خـــالداً فَتَضَوَّعَتْ عَبقــاً على الأكــوان
وتــلألأت بالضَّاد تَشْمَخُ عــزَّة و فـم الأتَسِيْلُ شَهْــداً فيزمــان
فاحذرْ أخي العربي من غدر المَـدى واغرس بذور الضَّاد في الوجدان
ولئنْ نطقتَ أيَـــــا شقيقيَ فلْتَقُلْ خــيرُ اللُّغـات فصاحــةُ القـرآن
هي في تاريخ اللغات عريقةٌ ، وفيها من الجمال والحسن والبهاء والثّراء ما تنفرد به من سائر اللّغات ، ويكفيها شرفاً كونُها لغة القرآن المجيد ، وقد حفظها الله بحفظه كما قال – سبحانه – : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، وبها حضارةُ الإنسان وحفظ التُّراث كلِّه من الضَّياع والاندثار
وكلية اللغة العربية بالمنوفية أحدُ هذه الأعمدة الأزهرية عريقةٌ وأصيلة بمن أسسوها ، وكانوا روَّاداً لها منذ نشأتها فحافظوا عليها مبنىً ومعنىً ، حيث انطلقت من إحدى قرى المحافظة في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالقرار الجمهوري رقم 10 لسنة 1978م ، وبدأت الدراسة بها في قرية ( بَيِّ العرب ) مركز الباجور في العام الجامعي 1977م/1978م على يد أحد أركان اللُّغة المشهود له بحسن الخلق ورحابة الصَّدر ، وبديع القول أ.د/ عبد الفتاح بحيري إبراهيم حيث كان أوّل عميد لها – تغمَّده الله بواسع رحمته – . واستمرَّت الدراسةُ في هذه القرية قرابة عشر سنوات ، حيث انتقلت إلى عاصمة المنوفية ( شبين الكوم ) عام 1987م في بيت واحد يجمعها مع كلّية أصول الدين والدعوة بالمنوفيَّة إلى أن هيَّأ الله لها مبنىً مستقلاً استقرت فيه دعائمها منذ نهاية سنة 1992م حتى تاريخه .
تولَّى عمادتها ورئاسة أقسامها كوكبةٌ من العلماء ، ودَرَّس فيها مَنْ لا يُشَقُّ لهم غبارٌ حتى كانت ولا زالت رائدةً بكل أساتذتها وطلابها ، وجميع العاملين بها ، فهي أرقى سفيرة للجامعة في هذا الإقليم فيها المبدعون من اللّغويين والأدباء والشُّعراء والبلغاء الذين يحرصون كُلَّ الحرص على إتقان العمل ، وترسيخ القيم ، وتهذيب السلوك ، واحترام الحقوق لكلِّ صغير وكبير ، يحافظون على ما فيها من نَبْتٍ يخدم مجتمعه ، ويعرف رسالته ، ويبحث عن برهان الحق وحُجَّته ، وفيها خمسة أعمدة تفوح بينابيع المعرفة التي تبني الفكر ، وبها يرتقي العقل الذي هو دعامة كلِّ عمل كما قال صالح بن عبد القدوس :
إِذا تمَّ عقلُ المرء تَّمت أُموره وتمَّت أمـــانيه ، وتمَّ بنـــاؤه
هي قسم أصول اللُّغة ، وقسم اللُّغويَّات ، وقسم البلاغة والنَّقد ، وقسم الأدب والنَّقد ، وقسم الوثائق والمكتبات والمعلومات .
والكليةُ حريصةٌ بمن فيها على التَّميُّز في التدريس والبحوث ، وتطوير البرامج التعليمية والأنشطة العلمية والثقافية والرياضية ؛ حتى تتواكبَ مع أعلى درجات الحضارة والجودة التي تحرص عليها ، وتتفاعل جميع الأقسام في الوصول إليها والحصول عليها – إن شاء الله – .
فالشكرُ لجميع أساتذة الكلية ومعاونيهم ؛ لحبِّهم كليتهم ، وحفاوتهم بها ، وتواصلهم في الارتقاء بها ، وتفاعلهم وتفانيهم في النهوض بها إلى أعلى درجات الجودة ، وكُلِّ من يتعاون معهم من الإداريّين والعمّال ، وأكرّر شكراً خاصاً لأعضاء وحدة الجودة الذين يحُضُّون زملاءهم عليها ، ويأخذون بأيديهم إليها ، ولا يفوتني أن أشكر مدير الكلية ، والأقسام الإدارية على تفاعلهم معنا ، وتعاونهم في خدمة الكلية التي بها خدمة الدِّين والوطن ، والشكر لكلِّ من أسهمَ ويُسهمُ في الارتقاء بالكلية والجامعة ، وأمن الوطن ، وأمانه تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، وفضيلة أ.د/ رئيس الجامعة ، وجميع النُّواب ، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد .
أ.د /عميـــــــد الكليـــــة
السيـــــــد محمد السيد
2 Comments
أحمد عنتر
أسأل الله-عز وجل- أن يجعل للحق من لسان فضيلتكم سيفًا يمحق الباطل، وأن يُقيم سيادتكم في الأواخر مقام حَسَّان في الأوائل.
د. عادل الفقي
بالتوفيق سعادة العميد النابه الواعد الملهم